قال الله سبحانه وتعالى في مُحكمِ تنزيله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، والصوم لغةً هو الإمساك أو الامتناع عن أي قولٍ أو عملٍ، واصطلاحاً هو الإمساك نهاراً عن إدخال شيء عمداً أو خطأ، بطناً أو ما له حكم البطن، وعن شهوة الفرج بنية من أهله؛ وذلك حسب تعريف النابلسي، وهو يكون في شهر رمضان المبارك والذي هو الشهر التاسع من أشهر السنة الهجرية، ويكون الصوم خلال هذا الشهر من الفجر وحتى غروب الشمس، ويمتنع فيه الصائم خلالها عن كل ما تمَّ ذِكرُه في التعريف السابق والتي يمكن تفسيرها على أنها الكل والشرب والجِماع سواء عمداً أو من دون قصد. والصوم ركنٌ من أركان الإسلام، وهو فريضة على كل مسلمٍ ومسلمة بلغوا الحلم، وواجِبٌ على الأهل تعليم أبنائهم الصوم من سنٍّ صغيرة حتى يعتادوا عليه عندما يكبرون.
الدين الإسلامي دين سماحة ويُسر، والله سبحانه وتعالى عندما فرض الفرائض على عباده؛ أوجدَ جلَّ وعلا استثناءات لها، وذلك تيسيراً على العِباد، فليس الهدف من الطاعة التعسير والتشدُّد، بل التيسير هو الأصل في كل أمور الدين. ومن هذا المُنطلق؛ أوجدَ الله سبحانه وتعالى استثناءات لكل الفرائض ومنها الصوم، فهنالك حالات لا يجوز فيها الصوم؛ وهناك حالات يُستحبُّ فيه الإفطار؛ وحالات يكون الإفطار في نهار شهر رمضان المُبارك واجِباً. الحالات التي لا يجوز فيها الصيام فهي المرأة في فترة الحيض (الدورة الشهرية) أو المرأة النفاس، فقد رفع الله عنها هذا الفرض في هذه الفترة من الشهر؛ لِما في الصوم مشقَّقة عليها وضررٌ قد يصيبها فيكون أكبر من الثواب الذي ترجوه، ولكن يجب عليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها خلال العام التالي وقبل أن يدخلَ عليها رمضان التالي وإلا وجب عليها القضاء وكفارة عن يوم.
أما الحالات التي يجوز فيها الإفطار فهي من كان صاحب مرضٍ ولا يقوى على الصيام ومرجو شفاؤه من المرض قريباً، فيُفطر ويقضي اليوم أو الأيام التي أفطرها لاحقاً. وكذلك المُسافر لمسافة تزيد عن 81 كيلومتراً، يجز له الإفطار، وفي هاتين الحالتين قال الله سبحانه (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، أي أن الصيام إذا كان مستطيعاً له هو خيرٌ له، ولكن جاز الإفطار لِما في المرض والسفر من مشقَّة على الإنسان. وكذلك يجوز للمصابين بأمراضٍ مُزمنة أن يفطروا، وهي الأمراض التي تأخذُ وقتاً طويلاً في العلاج ولكن يرجى الشفاء منها، وكذلك كِبار السنِّ الذين لا يستطيعون أن يصوموا الشهر أو جزءاً منه، فيجوز لهم الإفطار وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلَّم (إن الله يُحِبُّ أن تُؤتى رُخَصُهُ كما تُؤتى فرائضُه). وكذلك المرأة الحامل أو المرضع، والتي تخاف على نفسها أو على طفلها يجوز لها الإفطار كذلك. أما الذين يكون إفطارهم في نهار رمضان واجِباً فهم الذين يُقرِّر الأطباء أنه خطرٌ عليهم أن يصوموا، فهؤلاء لا يجوز لهم الصيام حتى لا يُصيبهم ضررٌ من جراء الصوم، وذلك عملاً بقوله عليه السلام (لا ضرر ولا ضِرار).
في أحكام الإفطار كلها يجب على الإنسان أن يقضي الأيام التي أفطرها خلال فترة عام، أي قبل أن يدخل عليه رمضان التالي؛ وإلا كان لِزاماً عليه القضاء مع دفع كفارة، أما الذين يتم منعهم من الصوم بقرار طبي فلا قضاء عليهم، بل تجبُ عليهم الكفارة عن كل يومٍ يُفطِرون فيه، وإن أخرجوا أكثر منها فهي صدقة منهم والله يُضاعِفُ لِمن يشاء.
المقالات المتعلقة بما هي رخص الافطار في رمضان